قالت خديجة الزومي، البرلمانية بمجلس المستشارين، إن هناك “كراهية” تجاه المُعلّم المغربي، وإن سببها هي “الأسرة التي قدمت استقالتها من تربية الأبناء وتخلت على هذا الدور لصالح المدرسة”، مشددة على أن المُدرّس المغربي “ابن بيئته وله ظروفه الاجتماعية والاقتصادية كباقي شرائح المجتمع المغربي ويجب على الجميع مراعاة ذلك”.
وطالبت الزومي، خلال ندوة حول “العنف في المؤسسات التعليمية”، نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام مساء اليوم الجمعة بالرباط، بضرورة ردع العنف في الفضاء المدرسي، موردة: “ليس العلاج بتقديم الشكايات ومتابعة التلاميذ الجناة في السجون، بل نريد مقاربة علاجية جماعية لوقف هذا التيار العنيف غير المرغوب فيه داخل المجتمع”، ومشددة على أن هذه المقاربة العلاجية “لا ينبغي أن توسع الهوة بين الأستاذ والتلميذ بقدر ما وجب أن تحد من هذه الظاهرة”.
وشككت المتحدثة في الإحصاءات التي تقدمها الوزارة الوصية على التعليم حول العنف المدرسي، مشيرة إلى أن الرقم الذي يتحدث عن 86 حالة في العام “في الحقيقة يسجل فقط في مؤسسة تعليمية واحدة”، ومضيفة أنه “لا يتم التبليغ في الغالب عن كل حالات العنف التي تمارس في حق المدرس، لأن الأخير قد يتنازل وتدخل تلك الحالات في مرحلة التراضي بين الأساتذة المعنفين وبين أولياء وآباء التلاميذ”.
وأرجعت الزومي أسباب عدم التبليغ عن حالات العنف في حق رجال ونساء التعليم إلى “كون هؤلاء لا يقبلون بإعلان ذلك حفاظا على كرامتهم ونظرا للعلاقة الحميمة التي تجمعهم مع التلاميذ باعتبارهم في مصف الأبناء”، فيما شددت على أن الحكومات والسياسات المتعاقبة والمتبعة في التعليم بالمغرب “لها اليد المباشرة في تكريس العنف تجاه المدرسين”، مبينة في شأن ذلك كيف أن الوزارة الوصية “تتعامل مع القضايا المصيرية للتعليم وفق ردود فعل انفعالية”.
البرلمانية عن نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب تابعت انتقادها للحكومة بالقول إن “وزارة التعليم تتعامل مع رجال ونساء التعليم وكأنهم من الآليات، كالسبورة والطاولات، وليسوا أشخاصا اعتباريين لهم قيمتهم في المجتمع”، داعية إلى ضرورة “إعادة الاعتبار للمدرسين والمدرسات لأنه لا يمكن الرقي بأي مجتمع من المجتمعات دون ذلك”.
وترى خديجة الزومي “أننا اليوم أمام ظاهرة مرضية مستشرية تم السكوت عنها في فترات سابقة”، معتبرة أن واقعة تعنيف أستاذ ورزازات “ما هي إلى نموذج في مجتمع معين، لأننا للأسف طبعنا مع العنف ضد المدرسين في المدن الكبرى”، واصفة هذا الواقع بكونه “تطبيعا مع الانحراف” وزادت: “تبرير العنف عنف والدفاع عن الإجرام جريمة بحد ذاتها”.
ودعت البرلمانية بمجلس المستشارين إلى ما وصفته بـ”تعبئة جماهيرية من أجل استرجاع مكانة وهيبة الأستاذ الاجتماعية والاعتبارية”، لتضيف: “المغرب ليس في حاجة إلى تشريع لوقف العنف داخل المؤسسات التعليمية، الذي هو خط أحمر، بل يجب أن نعود إلى القيم والأخلاق التي كنا في وقت سابق ننهلها من المدرسة”، منبهة إلى أن تخلي الأسر عن أدوار التربية “خطر يحوم حول المجتمع، خاصة مع تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة”.
هسبريس – طارق بنهدا / الجمعة 10 نونبر 2017