عقد مجلس المستشارين جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة يوم الثلاثاء 10 يوليوز 2018، تميزت بالمساهمة الفاعلة للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، عبر مداخلتين، تناولتا بالتحليل ملف الغرف المهنية ورهان التنمية وملف الصفقات العمومية وعلاقتها بالحكامة الجيدة.
وتناول الكلمة في الملف الأول الأخ عبد السلام اللبار رئيس الفريق الاستقلالي، معبرا عن انشغاله إلى جانب الفاعلين الاقتصاديين من المكانة التي تحتلها الغرف المهنية في المنظومة الاقتصادية ودورها في التأطير ومواكبة الفئات المهنية، قصد كسب الرهانات التي يتطلع إليها المهنيون في التجارة والصيد البحري والصناعة التقليدية والفلاحة، متسائلا عن رؤية الحكومة للدفع بدورها الرائد في التنمية.
رئيس الحكومة سعد الدين العثماني أفاد أن الدستور أحاط الغرف باهتمام كبير إلى جانب النقابات للدفاع عن حقوق الفئات التي تمثلها، وأمدها باستقلال في التسيير وفي التدبير المالي، معتبرا أنها شريك أساسي في تحقيق التنمية.
وتطرق في إطار غرف التجارة والصناعة والخدمات إلى تفعيل الاتفاقية الموقعة في 2014 مع جامعة الغرف والتي تنص على تحسين الإطار القانوني وتفعيل مخططات الغرف ووضع نظام للحكامة والارتقاء بالخدمات الموجهة للمنتسبين، وكذا أداء اختصاصات جديدة كالوساطة والشراكات مع الجامعة والمراكز الجهوية للاستثمار.
أما الغرف الفلاحية فقد عرفت منذ 2008 مجالات جديدة لمسايرة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وأداء مهام استشارية وحيازتها صفة مؤسسة عمومية وتفويضها مجالات تدخل جديدة، مبرزا كذلك العلاقة التعاقدية والتشاركية بين غرف الصيد والحكومة للقضاء على الشباك العائمة واستعمال الصناديق البلاستيكية ودعم مهنيي الصيد. وختم بالإشارة إلى الدور التنموي المهم لغرف الصناعة التقليدية وصيانة المهن التقليدية وترويج المنتجات والتكوين بالتدرج.
وفي معرض تعقيبه أوضح الأخ عبد السلام اللبار أن الغرف يجب أن تكون فعلا رافعة للتنمية كما تفضل رئيس الحكومة بالتوضيح، لكن الواقع يقول غير ذلك، مشيرا إلى أنها اليوم مجرد بنايات دستورية جوفاء، لكونها لا تتوفر على استقلال مالي ذاتي ومحرومة من أبسط شروط الاشتغال، أما عن الدعم الذي تتوفر عليه فهذا أكيد يقول الأخ اللبار، لكنها لا تقدر على صرفه إلا بتزكية وموافقة من وزير المالية، فهل بهذه الطريقة سنفتح لها المجال لتبدع؟.
إثر ذلك دق الأخ اللبار ناقوس الخطر من خلال حديثه عن المهن المغربية القحة التي تسير نحو الاندثار، والتي قد تفتقدها أجيال الغد مثل الخياطة والقفطان والجلباب المغربي بسبب ما تعانيه حاليا من احتضار، مضيفا أن الغرف حرمت في عهد الحكومة التي تدبر الشأن منذ سبع سنوات وليس سنة، حرمت من المجالس الإقليمية والجهوية التي تصيغ مخططات وتوجهات وبرامج جهوية، واليوم هناك أقاليم غير ممثلة بحيث تتوفر ثلاث جهات على تمثيلية برلمانية واحدة بمجلس المستشارين.
وأفاد كذلك أن الغرف المهنية تظل مكثوفة الأيدي لعدة أسباب منها الميزانية المحدودة واكتساح الصناعة الالكترونية والرقمية ما يضع الموظفين ومكاتب الغرف أمام حيرة، ويفقد الغرف من مدلولها الحقيقي كرافعة للتنمية، وأدوارها في الإبداع والتأطير، بل إنها أضحت تفقد اتجاه البوصلة، وهذا له انعكاس سلبي على بعض المهن التي ظلت ترتبط بتراثنا وهويتنا، وقد ألح المغفور له الحسن الثاني وفق رؤيته المتبصرة على ضرورة منح حيز هام للتراث في المعمار المغربي من خلال القباب والأقواس والزخارف المغربية كدعامة لهويتنا حتى نحفظها من التلاشي والتفريط.
من منطلق هذه المعطيات دعا الأخ عبد السلام اللبار إلى ضرورة إعادة النظر في مقاربة ملف الغرف المهنية بما فيها الغرف الفلاحية وبلورة سياسة شمولية ومندمجة تبتعد عن تلميع الصورة، مؤكدا في هذا الإطار أن الضمير المهني يستوجب الصحوة، وأن تحقيق التنمية يتطلب تضافر الجهود. وشدد في الختام على ضرورة مد الغرف بالإمكانيات تجانسا مع الطموحات المعبر عنها.